الأدب و الأدباء

عزلة مع النفس

احجز مساحتك الاعلانية

13606754_1628890694095052_8274071279933784439_n

 

 

بقلم / خالد الترامسي

أحسن حاجة إنك تنعزل عن الناس ، علي طول التحليل النفسي والسفسطة هتشتغل ، ويطلع لنا أساتذة في علم النفس ، وعلم الحنان ، والسهوكة ، والمليطة ، علي طول التفسير جاهز وموجود إنطوائي يحرض الناس علي الإنكماش وترويج سياسة العزلة ويدعو إلي الإنطوائية والتقوقع داخل الذات .

لا يا سيدي ويا سيدتي الموضوع مش كدة ، العزلة التي أقصدها ليست العزلة السلبية المرضية التي تخلق إنسان منعزل عن الأخرين منطوي علي نفسه غير مشارك ومتعاون مع الجماعة الإنسانية ، إنما هي العزلة الإيجابية التي تجعل الإنسان ينعزل عن الفتن والصراعات ، وينعزل عن كل ما يفسد حال العباد ، ينعزل عن جماعات السوء ، وعن الفحش من القول ، نعم هذا هو مضمون العزلة التي أقصدها ، وياليت المجتمع جميعه ينعزل عن تلك الشرور والمساوئ التي أضاعت علينا أوطاننا ، وجعلت الأمم تتكالب علينا ، جعلتنا نتناحر ونتقاتل وكأننا أعداء لأنفسنا ، وكأن بني الوطن الواحد صاروا ينقسمون إلي مسلمين ويهود ، وتلك هي بداية المشكلة ولبها الحقيقي ، التي جعلتنا لا نقف عند حدود أنفسنا وجعلتنا ننغمس في ضلالات جعلت كل منا يقف هذه المواقف وكأنها الشيئ الوحيد الأصدق .

نعم إننا بحاجة لوقفة مع النفس ، حسبة لله ، وحسبة للوطن ، إننا بحاجة إلي أن نتصافي ونتسامي أمام أنفسنا حتي يكتب الله لنا خروجا أمنا مطمئنا من تلك الحياة التي باتت تعج بالفتن ، صراعات في كل مكان من أرجاء عالمنا العربي ، ولا نلومن إلا أنفسنا وعجلتنا في المسارعة إلي التكالب علي حب الدنيا والإنهماك في ملاذاتها والناتج لا شيئ غير الفوضي والدمار .

فلتنظروا إلي أجدادنا وما تركوه لنا فعلي مدار أكثر من سبعة ألاف عام ، تركوا لنا من كافة ألوان الفنون المعمارية ما عجزت عنها التفسيرات وحتي وقتنا هذا ، كنا نتمني أن يكون هذا الجيل مشاركا في الإضافة إلي هذا الإرث الحضاري ولكننا نشاهده يخرب ويدمر ، إنظروا إلي حضارة بابل وأشور وماذا فعل بهما ، إنظروا إلي الحضارة الفينيقية وما حل بها من دمار ، بل قفوا أمام إعجاز مأرب وحضرموت وما شابها من عوار ، إننا نتناقض أمام أنفسنا حينما ندعي الوطنية ونأتي بأفعال أوردتنا المهالك ، وأظهرت مجتمعاتنا بمظاهر مشينة .

لذلك لا بد من وقفة مع النفس ، نستعيد فيها روح الماضي ، نتفهم الأمور بشكل متعمق ، بعيدا عن الهوس الذي جعلنا نري كل شيئ بنوع من الريبة ،جعلتنا بعيدين عن التمتع بنعمة الأمان ، فرأينا أوطاننا تعج بالمشاكل وإحترنا في كيفة الخروج منها فقد صعبنا علي أنفسنا كل شيئ وصار كل منا يعمل في جزر منعزلة حتي أصبح الوطن يئن منا.

Related Articles

Back to top button